يخالفه أبداً. ولم يستطع أحدٌ إلى اليوم ولن يستطيع في الغد أن يجد قضية شرعية قطعية تناقض قضية عقلية قطعية، فلا يُثبت الشرعُ مُحالاً في العقل (?) ولا يُحيل ثابتاً ولا يخالف أصلاً من الأصول الثابتة في العلم. وأعني بالأصول الثابتة الحقائقَ والقوانين العلمية لا الفروضَ والنظريات (?)، وأيسر نظرة يلقيها العاقل البصير على كتب الدين وأقل إلمامة بعلومه تُثبت هذا الذي ذكرنا.
* * *
فإذا كان هذا هو الإسلام وهذه منزلته من العلم والمدنية، فلماذا ينصرف عنه أكثر الشباب؟
إنهم منصرفون عنه لأنهم لا يعرفونه. ومن أين يعرفون وهم لا يدرسون منه في المدارس إلا شيئاً تافهاً لا يُحِلّ حلالاً ولا يُحَرّم حراماً؟ ثم إنهم لا يجعلونه إلا دون الدروس كلها، وسبب ذلك أن الطلاب إنما يقرؤون ويَجِدّون ابتغاء النجاح في الامتحان، والدينُ لا يدخل في امتحان رسمي أبداً، لا في الشام ولا مصر ولا العراق. وهذه مناهج الكفاءة وما دونها والبكالوريا (?) وما فوقها، فيها كل علم إلا علوم الدين! وليس الغرضُ من حذفها والمانعُ من إثباتها وجودَ طلاب غير مسلمين في هذه الامتحانات، فإن ذلك يمكن تلافيه بأن يُمتحَن كل طالب في دينه وتدعى كل أمة إلى كتابها.