قوله: " يتضمن الإيمان بكل ما يجب أن يؤمن به "، قال الطيبي: يعني ذكر الإيمان بالله وأريد الإيمان بجميع ما يجب الإيمان به لأن الإيمان إنما يعتد به ويستأهل أن يقال له إيمان إذا أمن بالله على الحقيقة، وحقيقة الإيمان بالله أن يستوعب جميع ما يجب الإيمان به فلو اختل شيء منه لم يكن من الإيمان بالله في شيء والمقام يقتضيه لكونه تعريضا بأهل الكتاب وإنهم لا يؤمنون بجميع ما يجب الإيمان به ويدل على مكان التعريض قوله تعالى: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} لاشك أنهم كانوا مؤمنين بالله وموافقين للمؤمنين في بعض الشرائع لكنهم لما تركوا بعض الإيمان كأنهم لم يؤمنوا وأيضا المقام مقام مدح للمؤمنين وكونهم خير الناس، لأن قوله (وتؤمنون بالله) عطف على تأمرون بالمعروف وهو كلام مستأنف بين به أن المؤمنين خير أمة في ماذا، فينبغي أن يكون هو أيضا تعليلا للخبرية وأن يندرج تحته جميع ما يجب الإيمان به ليكون معتداً به صالحا لأن يمتدح به فلو خرج بعض الإيمان لم يكن مدحا، قال: (وإنما أخر وحقه أن يقدم لأنه قصد بذكره الدلالة على أنهم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر إيمانا بالله وإظهاراً لدينه)، قال الطيبي: يعني إنما أخر قوله: (وتؤمنون بالله) ليكون تلويحا إلى مكان التعليل فإنه حينئذ من باب الإخبار عن حصول الجملتين في قوله وتفويض الترتيب إلى الذهن ولو قدم لم يتنبه لتلك النكتة.
قوله: ويجوز أن يراد بتقديم الأمر بالمعروف على الإيمان الاهتمام وأن سوق الكلام لأجله، وذكر الإيمان كالتتميم ويجوز أن يجعل من باب قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} تنبيها على أن جدوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدين أظهر شيء مما اشتمل عليه الإيمان بالله لأنه من وظيفة الأنبياء.
قوله: " وهذه الجملة والتي بعدها "، قال الشيخ سعد الدين: أي منهم