فيه فتنبيه أن ذلك الوصف لازم له قليل الانفكاك، ومنه قوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} وإذا استعمل في الزمان الماضي فيكون المستعمل فيه باقيا على حالة وقد يكون متغيراً، ولا فرق بين أن يكون زمان المستعمل فيه قد تقدم تقدما كثيرا، وبين أن يكون قد تقدم بأن واحد. وقال أبو حيان: قول الزمخشري كان عبارة عن وجود الشيء في زمان ماض وليس فيه دليل على عدم سابق ولا انقطاع طارئ، قول لبعض النحويين. والصحيح أنها كسائر الأفعال يدل لفظ المضي منها على الانقطاع. ثم قد تستعمل حيث لا يكون انقطاع وفرق بين الدلالة والاستعمال. ألا ترى أنك تقول هذا اللفظ يدل على العموم؟ ثم قد يستعمل حيث لا يراد العموم بل المراد الخصوص. وقال الشيخ سعد الدين: لا دلالة في كان الناقصة لا على انقطاع ولا دوام فلذلك تستعمل فيما هو حادث: مثل، كان زيد راكبا، وفيما هو دائم مثل: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}.
قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} لا يدل على أنهم لم يكونوا خيرا فصاروا خيراً أو انقطع ذلك عنهم.
قوله: " وقيل كنتم في علم الله "، إلى آخره. قال الشيخ سعد الدين: قصده بالأقوال الثلاثة تحقق معنى المضي.
وقوله: " استئناف بين به كونهم خيراً "، قال الطيبي: أن ترك العاطف ليكون الكلام الأول كالمورد للسؤال عن موجب ما سيق له الحديث فيجاب بالثاني ويعاد بصيغة من استؤنف عنه الحديث لبيان الموجب.