وقال لباغي السواد، عليك ببقر السواد، استزرتموه، فكيف رأيتم غضب العرب لثارها، وطلبها لأوتارها، ألم تصدمكم بذي قار، صدمة ذي احتقار، فأدركت فيكم رضى الرحمن، وأخذت بثأر النعمان، وطحطحت بني ساسان وآل كاسان، ولم تقم للفرس بعدها قائمة، ولا رعت لها سائمة. ولم تزل في قواصف تتقاذف، وعواصف تترادف، حتى تمم الله آفتها، واستأصل الإسلام شأفتها. وأما آل غسان فالشرف الأقدم، والبناء الذي لا يهدم، سالت من بلادها حين سال سيل العرم جائلة، وساحت من أرضها جافلة، هاجرة لأعطانها، نافرة عن أوطانها، وجاورت الحجاز وهبطت الشَّام فوجدت بلاداً ريفاً، خريفاً، ورجالاً جوفاً، عجوفاً، لا يحمون، ولا يحتمون، فقالت: غنيمةٌ باردة، وبهيمة فاردة، فنزلت الزوراء، والغوطة الزهراء.

وجالت على الجولان ثم تصيدت ... مناها بصيداء الذي عند حارب

فألقت عصاها واستقرت بها النوى ... كما قرَّ عيناً بالإياب مسافر

على رغم أنوفكم، وقطع شنوفكم، وولجوا خدوركم، على غيظ صدوركم.

وما بقيا عليَّ تركتماني ... ولكن خفتما صرد النبال

فقلتم قضية كريمة، ونعمة عميمة، وسور له باب، [باطنه] فيه الرحمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015