حين يريد أن يقول"أعوذ بالله القوي من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم" يقول: أعوذ بالله القوى، من الشيطان الغويّ، بسم الله الفتاح المنان". وإذا أراد أن يتلوَ سورة كاملة من الكتاب قرأ سورة الخلاص لخلوّها جميعها من الراء. وحين يريد أن يقتبس من القرآن الكريم: "وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما" يقول: "لا يحويه زمان ولا يحيط به مكان ولا يؤوده حفظ ما خلق". وإذا أراد أن يقول: "لا يغرب عنه مثقال ذرة" قال: "مثقال حبة"، وإذا أحب أن يقتبس من قوله تعالى: "أصبحوا لا تَرَى إلا مساكنهم" قال: "أصبحوا لا تعاين إلا مساكنهم". وإذا طلب أن يقول: "فبلغ رسالته" قال: "فبلغ مألَكته....إلى كثير من أشباه هذا. والخطبة كذلك تقدم لنا نموذجا من خطب القرن الثاني الهجري، من الخطب التي تجنَّبت السياسة والدعوة السياسية، وتجنب فتّن المذاهب والدعوة المذهبية، فهي نموذج الخطب الوعظ الخالص. ابتدأها بحمد الله والثناء عليه، ثم ثّنى بالشهادتين في إسهاب طيّب، وعقّب على ذلك بالصلاة على الرسول الكريم مثنياً عليه، ثم حثَّ على التقوى والطاعة، ومال بعد ذلك إلى التحذير من مفاتن الدنيا والتهوين من شأن من أطاعتهم الدنيا وأغدقت عليهم ثم صاروا من بعدُ هاماً وأحاديث. ثم دعا لنفسه والناس أن يكونوا ممن ينتفع بالموعظة الحسنة، ثم نوّة بفضل القرآن وتلا ما تيسَّر له منه، بعد أن أجرى الاستعاذة والبسملة أيضاً على أسلوبه الذي يجانب الراء.