وعسكر على الْعَرْش وعسكر فِي الملكوت والخاصة فِي ملك الْملك بَين يَدَيْهِ فأبصار قُلُوبهم هُنَاكَ وأبصار وُجُوههم فِي مواقع الْخلقَة
قيل لَهُ وَمَا مواقع الْخلقَة
قَالَ إِن العَبْد إِذا أَقَامَ على الْخلقَة ثمَّ رمى ببصره على الْخلقَة فَأَما يَقع من الأَرْض بمَكَان لَو خر سَاجِدا لوقعت جَبهته على تِلْكَ الْبقْعَة الَّتِي لَو كَانَ قَائِما فَرمى ببصره لم يَتَعَدَّ تِلْكَ الْبقْعَة وَلم يقصر عَنْهَا وَإِذا ركع فَرمى ببصره على الْخلقَة فَإِنَّمَا يَقع على مَوضِع الْقَدَمَيْنِ وَإِذا سجد فَرمى ببصره فَإِنَّمَا يَقع على مَوضِع الصَّدْر مِنْهُ وَإِذا قعد للتَّشَهُّد فَرمى ببصره فَإِنَّمَا يَقع على رَأس رُكْبَتَيْهِ وطرف فَخذيهِ فَهَذَا كُله رمى ببصره حَيْثُ وَقع لَيْسَ فِيهِ تكلّف وَلَا اسْتِعْمَال لِلْبَصَرِ وَإِنَّمَا الِاسْتِعْمَال فِي وَقت النّظر فَهَذَا رمي خرج من سُلْطَان الْبَصَر وَلَيْسَ بِنَظَر وَالْقلب رام ببصره حَيْثُ وَصفنَا من العلى فِي مَرَاتِبهمْ مَرَاتِب الْأَوْلِيَاء وَالصديقين وَمن لم يكن من أهل الْمَرَاتِب فَفِي متعبده بَين الْعِزَّة حَيْثُ اسْتَقر الْقُرْآن فِي وَقت نُزُوله جملَة فِي شهر رَمَضَان فِي السَّمَاء الدُّنْيَا فَذَاك مَحل المتعبد فَمِنْهَا قبلوا الْقُرْآن بِمَا فِيهِ من العبودة علم الْعباد هَذِه الصّفة أَو لم يعلمُوا فَإِنَّهُم داخلون فِي هَذَا الْبَاب كَمَا تَجِد الْمُسلمين كلهم قد دخلُوا فِي الْمِيثَاق يَوْم استخرجهم من الأصلاب علمُوا أَو لم يعلمُوا فَإِنَّمَا يجزون وتجزى أَرْوَاحهم ويحقق لَهُم بذلك الْأَشْيَاء من التَّقَرُّب
وَوجدنَا للصَّلَاة ثَلَاث مَرَاتِب عَلَيْهَا رتب أهل الصَّلَاة وَقد ذكرهم الله تَعَالَى فِي تَنْزِيله فحافظون ومداومون وخاشعون
قَالَ تَعَالَى {الَّذين هم على صلَاتهم يُحَافِظُونَ} الَّذين