وَرطب برحمته وصلبت بآلائه وَبِذَلِك وَصفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (قلب الْمُؤمن أجرد أَزْهَر)

فصدره كمفازة جرداء فِيهَا شموس تزهر وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن لله فِي الأَرْض أواني أَلا وَهِي الْقُلُوب فَخَيرهَا أصفاها وأرقها وأصلبها)

فأصفاها من كدورة الْأَخْلَاق وأرقها للإخوان وأصلبها فِي ذَات الله تَعَالَى

فَأَما النَّاس فِي النِّيَّة على طَبَقَات فنية الْعَامَّة ارتحالهم إِلَى الله بِهَذَا الْعقل وَالْعلم والذهن والهمة والإضمار والعزم ومبلغ ارتحالهم الجو إِذْ لَيْسَ لقُلُوبِهِمْ من الْقُوَّة مَا يرتحلون ويطيرون لِأَنَّهُ لَا ريش لقُلُوبِهِمْ فيطيرون والجو مسدود لِأَن الْقُلُوب لما مَالَتْ إِلَى النُّفُوس فأطاعتها انسد طريقها إِلَى رَبهَا لِأَن الْقُلُوب إِنَّمَا أَعْطَيْت معرفَة التَّوْحِيد وَمن عَلَيْهَا بذلك لتمد النَّفس بِمَا فِيهَا من الشَّهَوَات إِلَى الله فتطيعه فتمت حجَّة الله على الْقلب بِمَا أعْطى من الْقُوَّة الْبَالِغَة فَلَمَّا ضعف وَلم يتشمر لأمر الله بِمَا أعطي من الْجنُود وَلم يُجَاهد النَّفس حَتَّى يغلبها ويأسرها بِجَمِيعِ مَا فِيهَا من الشَّهَوَات فيذلها وَقَالَ تَعَالَى {وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده هُوَ اجتباكم}

أَي رفعكم من بَين الْأَعْدَاد جباية مِنْهُ لكم ليتخذكم أحبابا وَوضع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015