وَسَاعَة فِي رد كل شَهْوَة مَعَ طمأنينة نَفسه بإن الله تَعَالَى يعلم عزمه وضميره فِي هَذَا الْكَفّ فيستقر لذَلِك قلبه ويعظم أمله هَذَا أكله إِيمَان
وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِيمَانًا واحتسابا) فَكل عمل ابْن آدم إِنَّمَا يقوم بِالنِّيَّةِ والحسبة وَالنِّيَّة قربتان تجريان فِي الْأَعْمَال مَعًا فَإِذا انْقَطَعت النِّيَّة انْقَطَعت الْحِسْبَة وَالنِّيَّة نهوض الْقلب إِلَى الله تَعَالَى وبدؤها الخاطرة ثمَّ الْمَشِيئَة ثمَّ الْإِرَادَة ثمَّ النهوض ثمَّ اللحوق إِلَى الله تَعَالَى بعقله وَعلمه وذهنه وهمته وعزمه وإضماره فههنا تتمّ النِّيَّة وَمن هَهُنَا يخرج إِلَى الْأَركان فَيظْهر على الْجَوَارِح فعله فمبدأ النِّيَّة نهوض الْقلب ومنتهاه عزمه ثمَّ الارتحال يُقَال ناء ينوء أَي نَهَضَ والعزم عقد الْقلب وَلَا يكون نِيَّة إِلَّا بِالْعقدِ فَإِذا صَحَّ الْعَزْم خرج الرِّيَاء وَالْفَخْر وَالْخُيَلَاء من جَمِيع أَعماله
ثمَّ النَّاس بعد ذَلِك على طَبَقَات فالعامة لَا بُد لَهُم من أَن يَأْتُوا بِهَذِهِ الصّفة فِي كل عمل يَلْتَمِسُونَ ثَوَابه غَدا وَذَلِكَ مَوْجُود فِي الْعَامَّة من الْمُوَحِّدين فِي كل عمل أخلصوه لله تَعَالَى فَهَذِهِ الْخِصَال مَوْجُودَة فِي ذَلِك الْعَمَل إِلَّا أَنه لَا يحسن أَن يُمَيّز هَذَا الِاسْم ويطالعه بِقَلْبِه فِي صَدره لِأَن الصَّدْر مشحون بِأَفْعَال النَّفس وفتنها ووساوس شهواتها فَمن أَيْن يبصر فِي صَدره الخواطر والمشيئآت والإرادات والنهوض والإرتحال إِلَّا أَن الله لما رحم الْمُوَحِّدين وَمن عَلَيْهِم بِالتَّوْحِيدِ ضمن هَذِه الْأَشْيَاء توحيدهم وأودعها قُلُوبهم فهم بِتِلْكَ الْقُوَّة يعْملُونَ أَعمال الْبر فَرُبمَا أَخْلصُوا وَرُبمَا خلطوا وَرُبمَا إطمأنوا وَرُبمَا نافقوا وَلذَلِك وَقع الْحساب فِي الْموقف لتخلط الْإِيمَان بالنفاق والصدق بِالْكَذِبِ وَالْإِخْلَاص بشرك الْأَسْبَاب
وَإِنَّمَا يستبين مَا وَصفنَا لقلب أجرد أَزْهَر فِي صدر فسيح قد شَرحه الله لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ على نور من ربه رطب بِذكر الله قد لَان بِلُطْفِهِ