فَمضى أَبُو بكر مَحْمُودًا بِنِعْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ فِي الْخلَافَة ثمَّ نظر بحظه من الله تَعَالَى وَبِمَا وجد من تأييد الله تَعَالَى بعد الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظرا شافيا لحق الله ثمَّ لنَفسِهِ فَلم ير أحدا أَحَق بِأَن يخلف خلَافَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عمر رَضِي الله عَنهُ وَقد كَانَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار حوله فَاخْتَارَ مِنْهُم عمر رَضِي الله عَنهُ وَرَأى الْحق لَهُ حَتَّى جادلوه فَقَالُوا لَهُ اسْتخْلفت علينا فظا غليظا فَمَاذَا تَقول لِرَبِّك قَالَ أتهددوني وتخوفوني بربي أَقُول اسْتخْلفت عَلَيْهِم يَا رب خير أهلك فَمضى بسبيله وَولي الْأَمر عمر من بعده فحقق فراسة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وإلهامه ووطأ الْإِسْلَام ومهده وزينه وأعزه
وَقَالَ فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا من أمة إِلَّا وَلها مُحدث فَإِن يَك فِي أمتِي فعمر مِنْهُم) وَقَالَ (إِن الله جعل الْحق على لِسَان عمر وَقَلبه)
وَقَالَ أَيْضا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْحق بعدِي مَعَ عمر حَيْثُ كَانَ)
وَقَالَ (لَو كَانَ بعدِي نَبِي لَكَانَ عمر)
قد امتثل أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ هَذِه الْأَشْيَاء مَعَ إلهامه وفراسته فاستخلفه فَفتح الله الْفتُوح على يَده ومصر الْأَمْصَار ودر الأرزاق وَبث السَّرَايَا وجنود الله فِي نواحي أقطار الأَرْض حَتَّى تمهد الْإِسْلَام