والاعتقاد لَهُ قلبا وصدورهم غير منشرحة بباطن علمه فَمن جهل هَذَا اكْتفى بهيئة العبيد وَالْملك فَقير مَعْدُوم
والعاقل ينظر إِلَى صلَاته وصيامه وحجه وجهاده وأعمال بره وَكَأَنَّهُ نظر إِلَى أَرْكَان وجوارح كَهَيئَةِ العبيد عَلَيْهِم هَيْئَة مُرْتَفعَة ومراكب سَرِيَّة وأسلحة وافرة وَإِذا نظر إِلَى بَاطِن أحدهم وجد خوف الرزق على قلبه كالجبال كَاد يَمُوت من همه وَخَوف الْخلق وَسُقُوط مَنْزِلَته عَن قُلُوبهم وَوجد فيهم الْفَرح بمدح الْخلق لَهُم وَالثنَاء عَلَيْهِم وَحب الرياسة وَطلب الْعُلُوّ والتبصبص للأغنياء والاستحقار للْفُقَرَاء والأنفة مِنْهُم والاستكبار فِي مَوضِع الْحق والحقد على أَخِيه الْمُسلم والعداوة والبغضة وَترك الْحق لمخافة ذل ينزل بِهِ وَالْقَوْل بالهوى وَالرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا والحرص عَلَيْهَا وَالشح وَالْبخل وَطول الأمل والأشر والبطر والغل والغش والمباهاة والرياء والسمعة والاشتغال بعيوب الْخلق والمداهنة والإعجاب بِالنَّفسِ والتزين للمخلوقين والصلف والتجبر وغرة النَّفس وَالْقَسْوَة والفظاظة وَغلظ الْقلب والغفلة وَسُوء الْخلق وضيق الصَّدْر والفرح بالدنيا والحزن على فَوتهَا وَترك القناعة والمراء فِي الْكَلَام والجفاء والطيش والعجلة والحدة وَقلة الرَّحْمَة وَقلة الْحيَاء والاتكال على الطَّاعَات وفضول الْكَلَام والشهوة الْخفية وَطلب الْعِزّ واتخاذ الأخوان فِي الْعَلَانِيَة على عَدَاوَة فِي السِّرّ والتماس المغالبة والانتصار للنَّفس والتعظيم للأغنياء من أجل غناهم والاستهانة بالفقراء من أجل فَقرهمْ والغيبة والحسد والنميمة والجور والعدوان
فَهَذِهِ كلهَا مزابل قد انضمت عَلَيْهَا طويات صَدره وَظَاهره الْعِبَادَة وأنواع أَعمال الْبر فَإِذا انْكَشَفَ الغطاء عَن هَذِه الْأَشْيَاء بَين يَدي الله تَعَالَى كَانَ كمزبلة فِيهَا أَنْوَاع الأقذار غشيت بالديباج فَلَمَّا رفع عَنهُ الغطاء أخذت بالأنف من نتنها وَأعْرض الناظرون عَن قبحها فَهَذَا المتصنع الْمرَائِي عبد شهواته لم يقدر أَن يخلص من عمله وَنَفسه