الْأَمَانِي بمواعيدها الكاذبة المخلقة فَتَقول لَهُ خُذْهَا ثمَّ تتوب وأتته الشَّهْوَة وَتقول لَهُ خذني إِلَيْك ثمَّ تستغفر فَإِن الله غَفُور للمذنبين وحبِيب للتائبين فَهَذِهِ حجب كثيفة دون الْعَاقِبَة فَلَا يَرَاهَا والكيس من سعد بجميل نظر الله تَعَالَى واعطى النُّور الزَّائِد على نور الْمُوَحِّدين وَهُوَ نور الْيَقِين يهتك هَذَا النُّور الْحجب وَالدُّخَان والظلمة الَّتِي فِي الصَّدْر من الشَّهَوَات فسكن الدُّخان وانقشعت الظلمَة واستنار الصَّدْر فأبصر عَاقِبَة أمره وَأَنَّهَا قَاطِعَة لكل لَذَّة وشهوة وحائلة بَينه وَبَين كل أُمْنِية وَأَن عمره أنفاس مَعْدُودَة لَا يدْرِي مَتى ينْفد الْعدَد فَصَارَ من ذَلِك على خطر عَظِيم وَلَا يعلم مَتى يحل بِهِ الْمَوْت ويبغت بِهِ الْأَمر فيرحل إِلَيْهِ من دَار الْغرُور مغترا بِهِ مخدوعا عَنهُ مَعَ دنس الْمعاصِي وقبح الآثام فَلَا وُصُول إِلَى تَوْبَة وَلَا مهلة لَهُ فِي إنابة فَيكون مقدمه مقدم العبيد الاباق الَّذين أمهلهم الله فِي الدُّنْيَا وحلم عَنْهُم وَكَانُوا يحكمون لأَنْفُسِهِمْ بِمَا يشتهون فِي دنياهم وهم مستدرجون فِي مكره فيردهم إِلَيْهِ وَيحكم فيهم بِمَا يستوجبون من إباقهم قَالَ الله تَعَالَى ثمَّ ردوا الى الله تَعَالَى مَوْلَاهُم الْحق أَلا لَهُ الحكم وَهُوَ أسْرع الحاسبين فالكيس نظر بنوره الَّذِي من الله تَعَالَى عَلَيْهِ بِهِ فأبصر أَن الْمَوْت قَاطع لكل لَذَّة حَائِل بَينه وَبَين التَّوْبَة فانكسر قلبه وذبلت نَفسه وخمدت نَار شَهْوَته واكفهر الْحق فِي وَجه أمْنِيته واستعد لكل ذَنْب تَوْبَة واعتذارا وَمَكَان كل سَيِّئَة حَسَنَة واستغفارا لتَكون الْحَسَنَة غطاء للسيئة وَالتَّوْبَة محاء للخطيئة فَهَذَا تَفْسِير قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام أكيسهم أَكْثَرهم ذكرا للْمَوْت وَأَحْسَنهمْ لَهُ استعداد فالاستعداد أَن يجانب التخليض مجانبة لَا يحْتَاج إِلَى استمهال إِذا فاجأه أَمر الله تَعَالَى وجاءته دَعوته فَيَقُول أمهلني حَتَّى أَتُوب وَأصْلح أَمْرِي وَحسن الاستعداد أَن يكون قد استعد للقائه وَالْعرض عَلَيْهِ بعد علمه أَن الْمَوْت يُؤَدِّيه إِلَيْهِ فطاب قلبه بِاللَّه