تَعَالَى وروحه بِالطَّاعَةِ وَنَفسه تتجنب الشَّهَوَات والمنى ورفض التَّدْبِير لنَفسِهِ وتفويض ذَلِك إِلَى خالقه
وَهَذَا صفة أهل الْيَقِين الَّذين قَالَ الله تَعَالَى فيهم {الَّذين تتوفاهم الْمَلَائِكَة طيبين يَقُولُونَ سَلام عَلَيْكُم ادخُلُوا الْجنَّة} الْآيَة تسلم عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة من الله تَعَالَى وتبشرهم بِدُخُول الْجنَّة من غير حبس فِي موطن أَي حِسَاب فِي موقف وَإِنَّمَا سموا طيبين لِأَنَّهُ لم يبْق فيهم تَخْلِيط فطابوا روحا وطابوا قلبا وطابوا نفسا وَأما أهل التَّخْلِيط لَا يُقَال لَهُم هَذِه الْكَلِمَة عِنْد الْمَوْت وَإِنَّمَا يُقَال لَهُم {طبتم فادخلوها خَالِدين} عِنْد بَاب الْجنَّة بعد مَا محصوا بِعَذَاب الْقَبْر وأهوال الْقِيَامَة وَتَنَاول النيرَان فيهم بلفحاتها على الصِّرَاط وَالْحَبْس فِي الْعرض الْأَكْبَر فَإِذا خلي عَنْهُم وبلغوا بَاب الْجنَّة نُودُوا {سَلام عَلَيْكُم طبتم فادخلوها خَالِدين}
وَقد رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ النَّاس يعرضون ثَلَاث عرضات يَوْم الْقِيَامَة
فَأَما عرضتان فجدال ومعاذير وَأما فِي العرضة الثَّالِثَة تطاير الصُّحُف فالجدال للأعداء لأَنهم لَا يعْرفُونَ رَبهم فيظنون أَنهم إِذا جادلوه نَجوا وَقَامَت حججهم والمعاذير لله الْكَرِيم يعْتَذر الى أنبيائه عَلَيْهِم السَّلَام وَيُقِيم حجَّته عِنْدهم على الْأَعْدَاء ثمَّ يَبْعَثهُم الى النَّار قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لَا أحد أحب إِلَيْهِ الْمَدْح من الله تَعَالَى وَلَا أحد أحب إِلَيْهِ الْعذر من الله تَعَالَى