يصعد إِلَى الله إيمَانه بِتِلْكَ الْكَلِمَات فَيدْخل من قَائِلهَا على هَذِه الْهَيْئَة وَتلك على تِلْكَ الْهَيْئَة فَإِنَّمَا تكون كَلمته من الله قربا ودنوا ووسيلة وَجَوَاز قَول ونوال عَطِيَّة على قدر هَيئته أَو تِلْكَ على قدر هيئتها
فَاعْتبر بِهَذَا الْمثل الَّذِي ضربنا لَك بدءا من شَأْن الْمُلُوك والسراة المقدمين فِي الْإِذْن قَالَ الله تَعَالَى {وَتلك الْأَمْثَال نَضْرِبهَا للنَّاس لَعَلَّهُم يتفكرون} {وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالمُونَ}
فالغائص فِي بَحر الله على هَذِه الْكَلِمَات هُوَ عبد قد طالع مقاسم الْكَلِمَات كَيفَ انقسمت على أُمُور الْعباد فِي مَوضِع الْمقسم على الْعَرْش وطالع حِكْمَة التَّأْلِيف لحروف الْكَلِمَات فِي ملك الْملك وطالع مَا فِي حَشْو كل حرف مِنْهَا فِي المبدأ فَهُوَ إِذا نطق بهَا لاحظ الْمقسم فَوجه يلحظه كل كلمة من مَعْدِنهَا الَّتِي عزيت هَذِه الْكَلِمَة إِلَى الْمَعْدن مِنْهُ جرى إِلَى العَبْد وكل كلمة لَهَا نوبَة من الْأُمُور وَالْأَفْعَال فالتسبيح تَنْزِيه من الهواجس وَالْحَمْد يكْشف عَن النعم والصنائع والتهليل يبرأ عَن العلائق وَالتَّكْبِير يثبت القيومية لَهُ عَن الزَّوَال فعين فُؤَاده يَدُور مَعَ دوران لِسَانه حَتَّى تقسم اللحظات الْكَلِمَات على الْأُمُور فيلاحظ الهواجس ويلاحظ النعم ويلاحظ الشّرك ويلاحظ الزَّوَال فَينْتَقل لحظاته كَمَا ينْتَقل دوران لِسَانه من كلمة إِلَى كلمة