يَنْبَغِي لَهُ فبالعلم يعرف ربه وبالعلم يعبد ربه وَهُوَ جَوَاب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لفرعون حَيْثُ قَالَ {فَمن رَبكُمَا يَا مُوسَى} قَالَ رَبنَا الَّذِي أعطي كل شَيْء من خلقه ثمَّ هدى أَي أَعْطَاهُم خلقهمْ ثمَّ هدَاهُم من خلقهمْ وَمن كَونهم وَمن يملكهم وبمن قوامهم

فالهدى هُوَ الْعلم الَّذِي أعْطى كل شَيْء خلقه حَتَّى هدَاهُم إِلَى نَفسه فالعرش فَمن دونه إِلَى الثرى كلهم أَعْطَاهُم خلقهمْ ثمَّ عرفهم نَفسه وهداهم خلق كل شَيْء فَوضع فِيهِ الْحَيَاة وَأَعْطَاهُمْ الْعلم بِهِ واقتضاهم الْقُنُوت لَهُ فَقَالَ تَعَالَى {وَله من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض كل لَهُ قانتون} والقنوت الركود بَين يَدَيْهِ فِي مقَامه الَّذِي أَقَامَهُ

ثمَّ بَدَأَ خلق آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَذريته فَجعل الْأَشْيَاء سخرة للآدميين وضع فِيهَا تِلْكَ الْأَشْيَاء الَّتِي فِيهَا مَنَافِع الْآدَمِيّين وقوام مَعَايشهمْ وَأَعْطَاهَا علم إِخْرَاج ذَلِك إِلَى الْأُمِّيين بِمِقْدَار مَعْلُوم وَوزن مَعْلُوم وَفِي وَقت مَعْلُوم وَفِي مَوضِع مَعْلُوم فالعرش مقصد الْقُلُوب وَالسَّمَوَات ظلال أبدانهم وَمَوْضِع أَرْزَاقهم وتدبير أُمُورهم بِمَا فِيهَا من الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم والرياح وَالْحر وَالْبرد وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَمَا فِي الأَرْض كلهَا سخرة لبني آدم فهم كلهم إِلَى الثرى مسخرون موكلون بِإِخْرَاج مَا وضع فيهم من الْمَنَافِع إِلَى الْآدَمِيّين وَأَعْطَاهُمْ الْعلم على قدر ذَلِك من الْحَاجة إِلَى إِخْرَاج السخرة إِلَيْهِم وَخلق الْآدَمِيّين للْخدمَة وَوضع فيهم أنواره ليخرج الْخدمَة لله من بَاطِنه

فالحاجة بالآدمي إِلَى الْعلم بِاللَّه تَعَالَى حسب مَا لَهُ خلق فَانْظُر كم بَين السخرة والخدمة فالسخرة لنا والخدمة لله تَعَالَى فَلَو أَن أَحَدنَا أقيم لخدمة ملك من مُلُوك الدُّنْيَا لعظم شَأْنه وَاحْتَاجَ إِلَى علم كثير وأدب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015