عَظِيم وكياسة وافرة حَتَّى يصلح لخدمته ولدوام الْقيام بَين يَدَيْهِ ماثلا ليله ونهاره حَتَّى لَا يضيع شَيْئا من خدمته فَكيف بِمَالك الْمُلُوك وَرب الْعِزَّة واله الْعَالمين فعلى حسب ذَلِك الَّذِي خلقنَا لَهُ أَعْطَانَا من الْعلم وأوتينا من الْعلم مَا عجزت الْمَلَائِكَة عَنهُ وَقَالَت {سُبْحَانَكَ لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا} فَعِنْدَ هَذَا {قَالَ يَا آدم أنبئهم بِأَسْمَائِهِمْ} فَنحْن خلقنَا لما لم يخلق هَؤُلَاءِ

فَهَؤُلَاءِ للسخرة لنا وللوكالة لإِخْرَاج الْمَنَافِع إِلَيْنَا لنقيم عبودته بأركاننا بِقُوَّة تِلْكَ الْمَنَافِع ولنتمثل بقلوبنا بَين يَدَيْهِ على مِثَال الخدم لَا تَبْرَح قُلُوبنَا بَين يَدَيْهِ قَالَ تَعَالَى {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون}

فَلَو لم تصل هَذِه الْمَنَافِع إِلَيْنَا من قبل المسخرين الموكلين بِنَا لشغلت النَّفس منا بحوائجها وضروراتها قلوبها فتزيلها عَن موَاضعهَا فَلَا تكَاد تثبت فخلق لنا مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا وسخر لنا مَا فِي السَّمَوَات فَقَالَ {هُوَ الَّذِي خلق لكم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا} وَقَالَ {وسخر لكم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ}

فَإِذا إنقضت العبودة ذهبت السخرة وأعيد من خلق من التُّرَاب إِلَى التُّرَاب وَمن خلق من النَّار والنور رَجَعَ إِلَى معادنهما فَعندهَا يستقبلك مَنَافِع لَا تَنْقَطِع فِي دَار السَّلَام أَو مضار فِي دَار الهوان لَا تَنْقَطِع إِمَّا ملكا محبورا وَإِمَّا عبدا آبقا مَدْحُورًا فأوتي هَؤُلَاءِ علم السخرة وأوتينا علم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015