تَعَالَى يَا دَاوُد بشر المذنبين وأنذر الصديقين قَالَ وَكَيف ذَاك يَا رب قَالَ بشر المذنبين أَن لَا يتعاظمني ذَنْب أغفره وأنذر الصديقين أَنه لَيْسَ مِنْهُم أحد أنصبه لِلْحسابِ وأقيمه على عدلي إِلَّا هلك فالملتفت إِلَى أَعماله يُرِيد أَن ينجو من ربه بِأَعْمَالِهِ وَإِذا هُوَ هلك

وَهَذَا قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ أحد مِنْكُم ينجيه عمله قَالُوا وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله قَالَ وَلَا أَنا إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمته

وَالَّذِي يغلب الرّيح هُوَ الَّذِي يغلب هَوَاهُ فِي كل بر يعْمل لله تَعَالَى وَأثر الْأُمُور عِنْده مَا ثقل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يعلم أَنه أصفى وَأَبْرَأ من هيئآت النَّفس وموردات الْهوى فَهُوَ يجْتَهد أَن يخفيه من نَفسه

فَأَما المقربون فَإِنَّهُم عمِلُوا لله كَأَنَّهُمْ يرونه فَلَو أَن أحدهم صَار لَهُ عمل الْأَوَّلين والآخرين لتلاشى فِي عينه إِذا صَار قبالة عَظمَة الله وجلاله

وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ مُوَافق لحَدِيث أنس من أجل أَن النّوم فِي الظَّاهِر يغلب الْإِنْسَان وَفِي الْبَاطِن النّوم هُوَ الْغَفْلَة لَا غَفلَة الْقلب وَلَكِن غَفلَة النَّفس عَن أحوالها فِي الدُّنْيَا فَإِذا جَاءَت الْغَفْلَة نَام الْقلب عَن شهوات النَّفس وَأَحْوَالهَا وأفراحها فَإِذا جَاءَ الْهم طَار النّوم فحيى الْقلب بِاللَّه فَذَاك الْهم فِي الظَّاهِر هُوَ أَحْوَال النَّفس وَفِي الْبَاطِن هم ربه فَلذَلِك قدر أَن يتَصَدَّق بِقَلْبِه ويخفيها من نَفسه لِأَن صفته إِن قطع همه بربه عَنهُ نومَة الْغَفْلَة فَرجع الْكَلَام إِلَى مَا قُلْنَا إِن الْمُؤمن إِذا صَار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015