وَعَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد رَضِي الله عَنهُ رَفعه إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قصَّة حَارِثَة حَيْثُ قَالَ لَهُ كَيفَ أَصبَحت يَا حَارِثَة قَالَ مُؤمنا حَقًا قَالَ مَا حَقِيقَة إيمانك قَالَ كَأَنِّي أنظر إِلَى الله فَوق عَرْشه هَذَا فِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز

وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ فِي حَدِيثه كَأَنِّي أنظر إِلَى عرش رَبِّي بارزا

رَجعْنَا إِلَى ذكر صفة السَّابِقين المقربين إِنَّه إِذا أسر الْعَمَل خلا بربه فِي الْعَمَل فبرز لَهُ وجوده على الْقلب فِي الصَّدْر وَالْأول المقتصد أسر الْعَمَل فَخَلا بِطَاعَتِهِ وعبودته لَا بربه فبرز لَهُ توحيده على قلبه فِي صَدره

فالمقتصد يتَوَلَّى تربية عمله التَّوْحِيد وَالسَّابِق يتَوَلَّى تربية عمله ربه الْجواد الْكَرِيم فَإِذا أسر السَّابِق الَّذِي هَذِه صفته عملا من أَعماله فَإِنَّمَا يسره ليخلو بربه فيجده فِي الْعَمَل وَذَلِكَ قَول عَامر بن عبد قيس مَا نظرت إِلَى شَيْء إِلَّا رَأَيْت الله أقرب مِنْهُ وَقَول مُحَمَّد بن وَاسع مَا نظرت إِلَى شَيْء إِلَّا رَأَيْت الله فِيهِ فقد تبَاين قولاهما مَعَ رفْعَة قوليهما وجلالة حظيهما فِي الْقَوْلَيْنِ فَإِذا وجده السَّابِق فِي الْعَمَل عمل على مُشَاهدَة الْقلب فَعَظمهُ وَحسنه وَبَالغ فِيهِ ثمَّ جعله من وَرَاء ظَهره فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يسره من أجل شَيْئَيْنِ أَحدهمَا أَنه يُرِيد أَي يُطْفِئ نَار شوقه إِلَى ربه بِوُجُودِهِ فِي الْعَمَل لِأَنَّهُ إِذا وجده فَأول مَا يلاقي قلبه برد الرَّحْمَة وقرة الْعين فَإِذا قرت عينه وناله برد الرَّحْمَة انطفت نَار الشوق وسكنت فَهَذَا وَجه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015