فالقلب ملك بصلاحه يصلح الْجَسَد لِأَن التَّدْبِير إِلَيْهِ وَالنَّفس تحب الْملك وتشتهيه وتباري الْقلب فَهِيَ تطلب الفرصة وَإِذا نَالَتْ تملكت على الْقلب فأفسدته وبفساده يفْسد الْجَسَد بِمَنْزِلَة أَمِير وَقع فِي الْجَيْش وخارجي قد ملك على الْبَلَد فَضَاعَت الْحُدُود وَالْأَحْكَام وَخَربَتْ الكورة وَظهر الظُّلم والعدوان والحريق والغارات فالحريق الْمعاصِي والغارات غارات كنوز الْقلب وَصَارَ الصَّدْر كُله مَعْدن الْجَهْل والشره والبطر والشهوة وَالْكبر والعلو والحرص والحسد والحقد وأخلاق الْكفْر وَقد أَمر الله عز وَجل بمجاهدة النَّفس فَقَالَ {وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده}

قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجِهَاد جهادان وأفضلهما جِهَاد النَّفس

وَإِذا التقى الْقلب وَالنَّفس للمحاربة هَذَا بِجُنُود الله من الْعلم وَالْعقل والمعرفة والفهم والفطنة وَالْحِفْظ والكياسة وَحسن التَّدْبِير والحراسة فأشرقت هَذِه الْأَنْوَار واشتعلت شعاعاتها فِي النَّفس بِجُنُود الْعَدو من الْهوى والشهوة وَالْغَضَب وَالرَّغْبَة وَالْكبر والحرص وَالْمَكْر والخديعة والمدد من الزِّينَة والأفراح فاضطربا وتحاربا فَذَلِك وَقت يباهي الله تَعَالَى بِعَبْدِهِ مَلَائكَته والنصرة مَوْضُوعَة فِي ملك الْمَشِيئَة فِي حجاب الْقُدْرَة فَإِذا رأى الْهوى النُّصْرَة ذل وَانْهَزَمَ الْعَدو بجُنُوده وَأَقْبل بجمعه وَجُنُوده على النَّفس حَتَّى أسرها وحبسها فِي سجنه وَقعد أَمِيرا وَجمع جُنُوده وقواده الَّذين ذكرنَا فِي الأَصْل الْمُتَقَدّم وَهِي الْأَخْلَاق وَفتح بَاب بيُوت الْأَمْوَال والخزائن ورزق الْجنُود من الْأَمْوَال وَزَادَهُمْ من الخزائن فِي الْآلَة وَالْعدة فَهَذَا ملك الْقلب للنَّفس حِين تغْضب وَحين ترغب وَحين ترهب وَحين تشْتَهي قد خسأ شيطانها وَحرمت جوارحها على النَّار كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015