يُجَاوز الْحُدُود لِأَن قُوَّة النَّفس فِي الْعُرُوق وَأَعْطَاهَا من الرَّغْبَة مَا أحل الله لَهَا وصيره لَهَا غنى وَقُوَّة فِي دينهَا ودنياها واستوثق فِي جنبيها حَتَّى لَا يفِيض من مجاريها وينطفح من الْجَانِبَيْنِ فينبثق من المجاري وَمن الرهبة بِمِقْدَار مَا حذر الله أَن يرهب وقواها فِي جنبها وأمدها وشجعها بِقُوَّة الْعلم وأيدها بالمعرفة بِاللَّه وَأَعْطَاهَا من الْغَضَب بِمِقْدَار مَا أطلق الله لَهَا من ذَلِك فَلَا يحملهَا غَضَبهَا على أَن يُجَاوز الْحُدُود فِي الْأُمُور وَلَا يتَعَدَّى إِلَى الظُّلم وَيكون مَعَ غَضَبهَا متمسكة بِالْعَدْلِ وَلَا يتعداه إِلَى جور فَصَاحب هَذِه الصَّفْقَة هُوَ الَّذِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع من كن فِيهِ حرمه الله على النَّار
وَإِذا خلا الْقلب من هَذِه الْمعرفَة وَالْعلم صَار أَسِيرًا للنَّفس بعد أَن كَانَ أَمِيرا عَلَيْهَا وَذهب سُلْطَانه وَصَارَ مَمْلُوكا للنَّفس فبرزت الشَّهْوَة فِي وَقتهَا فأحرقت وَالرَّغْبَة فِي وَقتهَا فأفسدت والرهبة فِي وَقتهَا فأضرمت وَالْغَضَب فِي وقته فتسلط فجَاء الخراب والضياع وَالْفساد فَهَذَا ملك النَّفس للقلب وَذَاكَ ملك الْقلب للنَّفس
عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا إِن فِي الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله وَإِذا فَسدتْ فسد الْجَسَد كُله أَلا وَهِي الْقلب