ربه أَن يتَوَلَّى فك رهانه بجوده وفضله وَقَالَ فِي تَنْزِيله {كل امْرِئ بِمَا كسب رهين} وَقَالَ {كل نفس بِمَا كسبت رهينة إِلَّا أَصْحَاب الْيَمين}
فأصحاب الْيَمين هم الموحدون وحدوا الله بقلوبهم ثمَّ أبرزوا ذَلِك التَّوْحِيد على ألسنتهم فنطقوا بِلَا إِلَه إِلَّا الله فَاقْتضى الله عباده الْوَفَاء بصدقها وصدقها مَسْتُور عَن الْخلق وَعند الله ظَاهر فاقتضاهم حفظ الْجَوَارِح السَّبع عَن المناهي وَأَدَاء الْفَرَائِض ليبرز صدق الصَّادِق وَكذب الْكَاذِب وكل الْمُوَحِّدين قد أخذُوا بِسَهْم من سِهَام يمن الْيَمين كل على قدر صدقه فَأول أَصْحَاب الْيَمين الرُّسُل عَلَيْهِم السَّلَام وَآخرهمْ من أَتَى الله بِكَلِمَة التَّوْحِيد نطقا بهَا لَيْسَ مَعَه وَرَاء ذَلِك شَيْء وَأَصْحَاب الدَّرَجَات فِيمَا بَين ذَلِك وكل من أَتَى الله مَعَ هَذِه الْكَلِمَة بِشَيْء من أَعمال الْبر من حفظ جارحة وَأَدَاء فَرِيضَة وَاحِدَة فقد أَتَى بِسَهْم من الشُّكْر وعَلى قدر ذَلِك الشُّكْر فك رهانه وَبقيت سَائِر السِّهَام عَلَيْهِ غرما وَلذَلِك قَالَ تَعَالَى {إِن عَذَابهَا كَانَ غراما}
فأوفرهم حظا من حفظ الْجَوَارِح وَأَدَاء الْفَرَائِض أوفرهم حظا من الشُّكْر وهم الرُّسُل عَلَيْهِم السَّلَام وهم مَعَ هَذَا مقصرون عَن أنفسهم فِي الشُّكْر قَالَ الله تَعَالَى {كلا لما يقْض مَا أمره} أَي لن يبلغ أحد أَن يقْضِي أمره على كنهه
وَكَيف يقدر آدَمِيّ على أَن يخرج من لَحْمه وَدَمه الَّذِي أَصله من التُّرَاب وَمَعَهُ شهوات نَفسه ووساوسها أَن يبلغ بِهِ كنه أمره الَّذِي هُوَ أَهله هَيْهَات فالآدميون عجزوا عَن ذَلِك فَلذَلِك فزع إِلَى ربه فَقَالَ