فك رهاني حَتَّى يكون الَّذِي عجز عَنهُ الآدميون هُوَ الَّذِي يفكه بجوده فينجو من رهائن الشُّكْر أَلا ترى إِلَى قَول مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَا رب أسبغت عَليّ النعم فشكرتك عَلَيْهَا فَكيف لي بشكر شكرك قَالَ يَا مُوسَى تعلمت الْعلم الَّذِي لَا يفوقه علم بحسبك أَن تعلم أَن ذَلِك من عِنْدِي فَهَذَا مَوضِع الْعَجز فَإِذا بلغ العَبْد مَوضِع الْعَجز فزع إِلَى الله حَتَّى يجود عَلَيْهِ بِمَا بَقِي عَلَيْهِ من الشُّكْر ففكه من رَهنه
قَوْله ثقل ميزاني فالرسل فِي ستر الله الْأَعْظَم فَإِذا نصبت الموازين امْتَلَأت الكفتان من ورع أَعمال النُّبُوَّة وأفعال الرسَالَة والصدق لِسَان موازينهم فَأهل الْموقف فِي أَشد الْأَهْوَال فِي ذَلِك الْوَقْت لِأَن الرَّحْمَة لم تخرج بعد من الْحجب إِلَيْهِم والرب غَضْبَان أسفا محتجب عَن خلقه لشرك الْمُشْركين وَعبادَة الْأَوْثَان وفرية المفترين فَإِذا نصبت مَوَازِين الرُّسُل وطارت أنوار أَعْمَالهم من الْمِيزَان إِلَى الله تَعَالَى سكن الْغَضَب وَرَضي عَنْهُم الرب وَخرجت الرَّحْمَة من الْحجب إِلَى أهل التَّوْحِيد فأحاطت بهم فَصَارَ الموحدون فِي سرادقها فَعندهَا يُوزن أَفعَال الْعباد إِنَّمَا قَالَ ثقل ميزاني أَي وفر عَليّ أنوار النُّبُوَّة والرسالة حَتَّى أكون أعظمهم نورا وأشدهم صدقا حَتَّى يكون عَمَلي هُوَ الَّذِي يسكن غضبك على خلقك وَيخرج الرَّحْمَة إِلَى الْمُوَحِّدين
قَوْله واجعلني فِي النداء الْأَعْلَى فَإِن الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فِي الْموقف لَهُم مَرَاتِب على نَحْو مقاماتهم بقلوبهم فَمن كَانَ أقرب منزلَة بِقَلْبِه فِي الدُّنْيَا فَهُوَ أَعلَى مرتبَة هُنَاكَ فأعلى البداء هم السَّابِقُونَ الَّذِي يبْدَأ بهم فَكَانَ هَذَا دعاؤه حَتَّى بشر بالْمقَام الْمَحْمُود
قَالَ مُجَاهِد {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} قَالَ يجلسه على عَرْشه