{قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا} أَي أعطينا بِأَيْدِينَا سلما كَقَوْلِه تَعَالَى {وألقوا إِلَى الله يَوْمئِذٍ السّلم} أَي أعْطوا بِأَيْدِيهِم وألقوا إِلَى الله أنفسهم تَسْلِيمًا
فَقَوله أخسأ شيطاني أَي أَنَّك إِذا أخسأته خسئ فَلم يبْق مَعَه شَرّ وَلَا كيد والخسأ فِي لُغَة الْعَرَب الْفَرد والزكا الزَّوْج وكل شَيْء انْضَمَّ إِلَيْهِ شَيْء فزواجه فَهُوَ زكا وَمِنْه سميت الزَّكَاة فِي المَال زَكَاة يُقَال زكى الزَّرْع وَقَوله ذَلِك أزكى لكم وَقَوله مَا زكى مِنْكُم من أحد أبدا وَمِنْه قَوْله وويل للْمُشْرِكين اللَّذين لَا يُؤْتونَ الزَّكَاة أَي لَا يُؤْتونَ كلمة لَا إِلَه إِلَّا الله فيخسئون من نورها فهم خسا أَي فَرد خَال عَن النُّور وَالْخَيْر فَيَقُول الله لَهُم فِي النَّار إخسأوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون أَي كونُوا فِي خلاء مني وَمن رَحْمَتي وعطفي فَعندهَا يَنْقَطِع الْكَلَام والنداء ويطبق عَلَيْهِم فَلَا يبْقى لَهُم من الرب شَيْء فَذَلِك الْحَال أخلى خلاء فَقَوله أخسأ شيطاني أَي أخله من جَمِيع الشَّرّ حَتَّى لَا يكيدني بِشَيْء
قَوْله فك رهاني فَإِن النُّفُوس حظها من الدُّنْيَا النِّعْمَة نعْمَة الْبَصَر ونعمة السّمع ونعمة اللِّسَان ونعمة سَائِر الْجَوَارِح وَسَائِر النَّعيم الَّتِي تربى بهَا الْجَوَارِح وحظها من رَبهَا الْحَيَاة وَالْعلم والذهن والمعرفة وَالْعقل وَالْحِفْظ والفطنة وَالْقُوَّة فالنفوس مرتهنة بِالنعَم وَإِنَّمَا يفكها الشُّكْر فَعلم الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْعباد لَا يبلغون كنه الشُّكْر فَفَزعَ إِلَى