"نعم قد يحصل العلم بها لكن قد عرفت أنه لا يدل على العدم".
نعم قد يحصل العلم بعدم الأمارة الظاهرة، لكنه غير العلم بعدمها مطلقًا، وإذا كان كذلك فلم لا يجوز أن يقبح الشيء لاحتمال قيام أمارة خفية به؟.
سلمنا ذلك. فلم لا يجوز أن يكفي في قبح الشيء احتمال مفسدة فيه؟ وإن كان خاليًا عن جميع / (119/أ) الأمارات.
قلت: الدليل على أنه خال عن أمارات المفسدة، هو ما ذكرنا.
قوله: إنه فرض محال.
قلنا: لا نسلم لأنا نعني بقولنا: إنه خال عن أمارات المفسدة إلا خلوه عن الأمارات الظاهرة التي بسببها يحكم على الشيء بالقبح، دون الأمارات الخفية أو مجرد احتمال المفسدة فيه الخالية عن الأمارة، إذ لا عبرة بهما في القبح ألا ترى أن العقلاء لا يلومون على اشتراء سلعة بربح ظاهر مع أنها ربما تكون مشتملة على أمارة خفية للخسارة أو بمجرد احتمال الخسارة، وكذلك لا يلزمون على أكل طعام شهي مع احتمال كونه مسمومًا أو مشتملاً على إفادة خفية لكونه كذلك، ولأنه لو اعتبر في الحكم بكون الشيء حسنًا أن يكون خاليًا عن جميع] الأمارات المفسدة خفية كانت أو ظاهرة، أو كونه خاليًا عن احتمال المفسدة لوجب أن لا يقطع بحسن شيء أصلاً لما تقدم غير مرة وهو باطل وفاقًا، ولأنه لو قبح الإقدام على الشيء بمجرد احتمال كونه مفسدة، لصح الإحجام عنه بمجرد احتمال كونه مفسدة، ويلزم منه عدم جواز الانفكاك عن الإقدام والإحجام معًا، وهو تكليف ما لا يطاق.