على الأصل، ويلزم من ذلك ظن عدم الحكم والعمل بالظن واجب. فتقرير هذه الأدلة على هذا الوجه [أولى؛ لأنه أقل مقدمات، وأشد تلخيصًا من التقدير على الوجه] الأول، وهذا لا جواب عنه إلا أن يقال: التعرض لنفي وجدان كل واحد من أنواع الأدلة بعد الطلب الشديد والبحث التام بعد بيان حصرها يغلب ظن النفي بخلاف ما إذا نفي على سبيل الإجمال كما ذكر في الطريقة الثانية لأن النفي على سبيل التفصيل آكد من النفي على سبيل الإجمال قياسًا على الإثبات فإن الإثبات على سبيل التفصيل آكد من الإثبات على سبيل الإجمال بدليل عدم تطرق الاستثناء والتخصيص إلى الأول دون الثاني.

السؤال الثاني من جهة القدح في عدم دلالة الدليل المذكور، وتقريره أن نقول: إن أحد الأمرين لازم وهو إما أن لا يكون الدليل المذكور دليلًا بالكلية أو عدم انحصار الأدلة الثلاثة، وعلى التقديرين يلزم القدح في دلالة الدليل المذكور.

أما إذا كان الواقع الأمر الأول فالأمر ظاهر. فإنه إذا لم يكن ما ذكروه دليلًا لم يكن له دلالة.

أما إذا كان الواقع الأمر الثاني فكذلك لأن دلالته متوقفة على صحة مقدماته ومن جملة مقدماته انحصار الأدلة في الثلاثة المذكورة وإذا بطل ذلك فقد بطلت مقدمة من مقدماته، وحينئذ يلزم بطلان دلالة الدليل.

وإنما قلنا: إن أحد الأمرين لازم لأن ما ذكرتم من الدليل إما أن يكون دليلًا أو لا يكون، فإن كان الأول فقد بطل الحصر ضرورة أنه غير الثلاثة المذكورة وإن كان الثاني لزم أن لا يكون الدليل المذكور دليلًا أصلًا ورأسًا فثبت بهذه الدلالة أن لا يكون الدليل المذكور دليلًا على المطلوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015