لا يقال: المدعي انحصار أدلة الحكم الشرعي في الثلاثة وما ذكرنا فإنه دليل على عدم الصحة مثلًا وأنه ليس حكمًا شرعيًا بدليل ثبوته قبل الشرع فلا يلزم ما ذكرتم، وأيضًا فإنه لا يلزم من كون ما ذكرنا دليلًا بطلان الحصر؛ وهذا لأن ما ذكرناه تمسك بالإجماع لأن الإجماع منعقد على أنه متى لم يوجد شيء من هذه الأشياء وجب نفي الحكم فيكون ذلك تمسكًا بالإجماع في الحقيقة؛ لأنا نقول: يلزم من عدم الصحة البطلان ضرورة انتفاء القول بالوقف فيكون الدليل المذكور دليلًا على البطلان بواسطة دلالته على عدم الصحة، فيكون دليلًا على الحكم الشرعي فيعود المحذور المذكور.

والجواب عن قوله: إنه تمسك بالإجماع في الحقيقة.

قلنا: لا نسلم وهذا لأن دليل عدم الصحة إنما هو عدم الأدلة الثلاثة المذكورة وهو ليس بإجماع بل الإجماع يدل على أن عدم الأدلة الثلاثة يدل على عدم الحكم والإجماع دليل الدليل لا نفس الدليل فلزم بطلان الحصر.

وجوابه: أن المدعى حصر أدلة الحكم المغير عن مقتضى الأصل، وما ذكرته من عدم الصحة فهو مقرر فلم يكن عدم الانحصار في صورة المقرر قادحًا في الانحصار في صورة المغير إذا عرفت هذا فالأولى أن يقال في تحرير هذه الأدلة: الأصل بقاء ما كان على ما كان/ (353/ أ) إلا لدلالة شرعية مغيرة، ولا يتغير سوى هذه الثلاثة [ولو يوجد شيء منها فوجب بقاء ما كان على ما كان وعلى] هذا التحرير لا يرد ما ذكر من السؤال فكان أولى.

السؤال الثالث: لو كان عدم دليل الوجود دليلًا على العدم لكان عدم دليل العدم دليلًا على الوجود؛ لأن نسبة دليل الثبوت إلى الثبوت كنسبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015