وأما الذي يليق بهذا المكان هو ان يكون قول كل واحد منهم حجة، وكذا القول في قول أبي بكر وعمر رضى الله عنهما.
احتج الأولون بوجوه:-
أحدها: قوله: {فاعتبروا} أمر بالاعتبار، وذلك ينافى جواز التقليد.
ولقائل أن يقول: ليس قبول قولهم على وجه التقليد عند القائلين به، بل هو حجة متبعة وإلا لما وجب على المجتهدين الأخذ بقولهم؛ لأنهم ليسوا أهل العقيد، بل هو على سبيل الاخذ بمدرك من مدارك الشرع كالأخذ بالنص والقياس وغيرهما من المدارك، فكما أن الامر بالاعتبار لا ينفى الأخذ بالنص لكون الامر بالاعتبار إنما هو بعد فقدان النص، فكذا في الأخذ بقول الصحابي فإنه أيضًا مقدم على القياس عند القائلين به على ما ذكرناه فلا يكون الأمر بالاعتبار منافيا لحجيته.
وثانيها: قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} أوجب الرد عند الاختلاف إلى الله والرسول، فلو كان الرد- إلى قول الصحابي أو مذهبه مدركا من مدارك الأحكام لذكره وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولأن الرد إلى الصحابي ترك للرد إلى الله ورسوله فيكود تركًا للواجب فلم يكن جائزًا فضلاً عن أن يكون واجبًا.
وهو أيضًا ضعيف؛ لأنه لا يلزم من كون الرد إلى الصحابي مدركًا من مدارك الشرع أن يذكر عقيبهما كما لم يذكر غيرهما من المدارك عقيبهما، ولا