نسلم لزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة حينئذ؛ وهذا لأنه يجوز أن يكون مذكورًا بطريق آخر وأنه لم تمس الحاجة إليه إذ ذاك.

وأما جواب قوله: ولأن الرد إلى الصحابي ترك للرد إلى الله ورسوله فنمنعه؛ وهذا لأن الرد إلى قول الصحابي مشروط عندنا بعدم الوجدان في الكتاب والسنة والرد إليهما إذ ذاك ممتنع فلا يكون الرد إليه متضمنا لترك الرد إليهما.

وأيضًا: لما قال الرسول، "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" وما يجرى مجراه في الدلالة على وجوب الأخذ بقول الصحابي [كان الرد إلا الصحابي ردًا إلى الرسول فلم يكن الرد إلى الصحابي]، مخالفًا للنص.

وثالثها: أن الصحابة أجمعوا على جواز مخالفة كل واحد من آحاد الصحابة، ولم ينكر أبو بكر وعمر على من خالفهما، ولا كل واحد منهما على صاحبه فيما فيه اختلفا.

وهو أيضًا ضعيف؛ لأنه إن عنى بقوله: إنهم أجمعوا على جوار مخالفة بعضهم المجتهدين لبعضهم فهذا مسلم لكنه غير دال على صورة النزاع؛ فإن صورة النزاع أن قولهم ومذهبهم هل هو حجة على من بعدهم من المجتهدين أم لا؟ كما تقدم.

وإن عنى به أنهم أجمعوا على جواز مخالفة كل واحد من الصحابة سواء كان المخالف منهم أو من غيرهم فهو ممنوع ولا يمكن ادعاؤه لكونه بهتًا صريحًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015