وذلك يدل على وجوب النظر؛ لأن الويل لا يستحق على ترك غير الواجب.
وخامسها: الإجماع منعقد على وجوب معرفة الله تعالى، ومعرفة ما يجوز عليه وما لا يجوز عليه، والتقليد غير محتمل لها.
أما أولاً: فلأن المقلد غير معصوم عن الكذب، وخبر من كان كذلك لا يكون واجب الصدق ولا يفيد العلم واليقين.
وأما ثانيًا: فلأن التقليد لو كان مفيدًا للعلم لكان العلم حاصلاً لمن قلد في حدوث العلم ولمن قلد في قدمه وهو ممتنع لإفضائه إلى الجمع بين كون العالم حادثًا وقديمًا.
وأما ثالثًا: فلأنه لو أفاده لأفاد أما علما ضروريا وهو باطل،
أما أولا: فبالإجماع.
وأما ثانيًا: فلأنه لو كان كذلك لما خالف فيه أكثر العقلاء.
وأما ثالثًا: فلأنه يلزم أن يكون العلم الحاصل بالتقليد أقوى من العلم الحاصل بالنظر والاستدلال ضرورة أن الضروري أقوى من النظري لكنه باطل قطعًا، وأما علمًا نظريًا وهو أيضًا باطل، لأنه حينئذ لابد وأن يكون محال لكن الأصل عدم ذلك الدليل، فظهر بهذه الوجوه: إن التقليد غير محصل لها فوجب أن لا يجوز الاكتفاء به في معرفة الله تعالى.
ولقائل أن يقول: إن عنيتم أن معرفة الله واجبة أنه يجب تحصيل الاعتقاد المطابق لما هو الواقع في نفس الأمر فهذا مسلم لكن لا نسلم أن التقليد لا يفيده، وما ذكرتم من الوجوه إنما يفيد نفى العلم، لا الاعتقاد الذى يفيده التقليد ونحن لا نقول: أن الحاصل بالتقليد هو العلم بل هو اعتقاد المقلد.