فقوله. فليس في أدلة الشرع تعارض من غير ترجيح]، يدل بصراحته على ما قلناه
واختار الإمام أن تعادل الأمارتين في حكمين متنافيين والفعل واحد ككون الفعل الواحد واجبا وحراما جائز في الجملة، غير واقع شرعا.
هذا صريح كلامه ودليله يدل أيضا على عدم جواز وقوعه شرعا، فإن ما ذكره من الدلائل لا يختص بامتناع الوقوع. والأغلب على الظن أن مراده من [قوله. غير واقع شرعا أنه غير جائز الوقوع شرعا وأن تعادلهما في] فعلين متنافيين والحكم واحد جائز كوجوب التوجه إلى جهتين قد غلب على الظن أنهما جهتا القبلة.
واحتج المانعون منه مطلقا بوجوه:
أحدهما: لو جار تعادل الأمارتين على حكمين متنافيين شرعا فليفرض واقعا إذ الجائز لا يلزم من فرض وقوعه محال، فعند وقوع هذا التعارض إما أن يعمل بهما وهو محال، لأنه يقتضى الجمع بين المتنافيين، أو لا يعمل بواحد منهما وهو أيضا باطل.
أما أولاً: فلأنه- يلزم الترك بالدليليين.
وأما ثانيًا: فلأنه يلزم أن يكون وضعهما عبثا لكون العمل بهما غير ممكن، أو يعمل بأحدهما على التعيين وهو أيضا باطل، لكونه تحكمًا محضا، وقولاً في الدين بالتشهى، وترجيحًا لأحد الجائزين على الآخر من غير مرجح، أو يعمل بأحدهما لا على التعيين بل على التخيير وهو أيضاً باطل.