وثانيها أن حكمه التساقط، ويجب الرجوع في ذلك إلى غيرهما. وهو البراءة الأصلية، هو مذهب كثر الفقهاء منهم
وثالثها: وهو القول بالتفصيل: وهو أن هذا التعارض والتعادل إن وقع بالنسبة إلى الواجبات فحكمه التخيير، فإن التخيير بين الواجبات في الشرع غير ممتنع كما في وجوب الحقاق، وبنات لبون، وكما في خصال الكفارة.
وإن وقع بالنسبة إلى حكمين متنافيين كالإباحة والتحريم فحكمه التساقط فقط والرجوع إلى البراءة الأصلية، هذا هو النقل المشهور.
وكلام الشيخ الغزالي - رحمه الله - يدل على أن من قال: المصيب واحد والباقون مخطئون لم يجوزوا تعادل الأمارتين، وأما الذين قالوا: كل مجتهد مصيب فهؤلاء اختلفوا فيه؛ لأنه قال: (إذا تعارض دليلان عند المجتهد، وعجز عن الترجيح ولم يجد دليلاً من موضع آخر وتخير فالذين ذهبوا إلى أن المصيب واحد يقولون: هذا لعجز المجتهد وإلا فليس في/ (248/ أ) أدلة الشرع تعارض من غير ترجيح فلزم التوقف، أو الاخذ بالاحتياط، أو تقليد مجتهد آخر عثر على الترجيح [وأما المصوبة فاختلفوا فيه).