حصول اللذة، أو دفع الألم، أو ما يكون وسيلة إليهما، ولما امتنع على الله تعالى اللذة والألم استحال أن يكون له غرض، وبتقدير عدم امتناع ذلك عليه فإنه يستحيل أن تكون فاعليته تعالى لشيء لغرض تحصيل اللذة أو دفع الألم؛ لأن الله تعالى قادر عليهما ابتداء من غير وساطة شيء، وإذا كان كذلك يستحيل أن فاعليته تعالى لشيء لدفع الألم وجلب اللذة.

أما أولًا: فلأن توسيط ما لا يتوقف الفعل عليه في تحصيله مما لا فائدة فيه وهو عبث وهو على الحكيم محال.

وأما ثانيًا: فلأنه يلزم ان لا تكون الواسطة واسطة للشيء [إذ المعنى من كون الشيء واسطة للشيء] وهو أن حصوله بطريق وساطته، فإذا كان الله تعالى قادرا على تحصيل ذلك الغرض ابتداء كما هو قادر على تحصيله بطريق الوسائط لم تكن الواسطة واسطة.

وأما ثالثا: فلأن العلة الغائية علة لعلة الفاعلية ومعلول لها في الخارج، فيجب أن يكون بينهما ارتباط العلية بالمعلولية، ولما لم يكن كذلك حينئذ إذ لا يلزم من حصول ذلك الغرض في الخارج حصول ذلك الفعل حينئذ. ولا يلزم من عدم الفعل عدمه علمنا أنه لا يجوز تعليل ذلك الفعل بحصول ذلك الغرض حينئذ. وإذا بطل تفسير العلة الشرعية بالموجب لذاته، وبالباعث تعين تفسيرها إما "بالمعرف" لا بمعنى أنها تعرفنا حكم الأصل؛ فإن ذلك معرف بالنص بل حكم الفرع، لكن يخدشه ما هو المشهور من قول أصحابنا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015