أما أولا: فلأن ذلك في حق الله تعالى محال؛ لأن من فعل فعلًا لغرض فإنه لابد وأن يكون حصول ذلك الغرض بالنسبة إليه أولى من لا حصوله؛ إذ لو لم يكن أولى لم يكن ذلك غرضًا له، والعلم بذلك ضروري بعد الاستقراء والتجربة، وإذا كان حصول ذلك الغرض بالنسبة إليه أولى وكان حصول تلك الأولوية متوقفة على فعل ذلك الفعل، كان حصول تلك الأولوية لله تعالى متوقفة على الغير فتكون ممكنة غير واجبة لذاته ضرورة أن كل ما يتوقف على الغير فإنه يكون ممكن [فيكون كماله تعالى ممكنًا] غير واجب لذاته وهو ممتنع قطعًا.
وما يقال: من أن حصول ذلك الغرض ولا حصوله وان كان بالنسبة إليه على التسوية لكن بالنسبة إلى غيره ليس كذلك بل حصوله لهم أولى فيفعل الله تعالى لا لغرضه؛ بل لغرضهم وحينئذ لا يلزم منه استكمال ذاته تعالى بصفة ممكنة لا يفيد/ (166 /أ)، لأن التقسيم المذكور آت فيه بأن يقال: فعله لذلك الفعل لتحصيل غرضهم إن كان أولى له من لا فعله جاء حديث الاستكمال، وان لم يكن فتحصيل ذلك الغرض إن كان لتحصيل غرض آخر لهم كان الكلام فيه كالكلام في الأول، ولزم التسلسل وهو ممتنع، وإن لم يكن لغرض آخر لهم مع أنه ليس له فيه أولوية استحال أن يكون غرضًا لما تقدم.
وأيضًا: فإن من يعلل أفعاله تعالى بالمصالح ودفع القبائح (استحال أن لا يجعل له غرضًا فيه إذ عنده يصير بترك المصالح وفعل القبائح) مستحقًا للذم غير مستحق للإلهية ومع هذا كيف يقال ليس له فيه غرض؟.
وأما ثانيًا: فلأن العلم الضروري حاصل بعد الاستقراء أنه لا غرض إلا