يوضحه: بأنه ما بعثه إلا ليبني على أخباره ما ينبغي أن يعمل، وبإخباره وبإخبار من معه من الاثنين أو الثلاثة ليس يصير ذلك الخبر متواترا، فلو لم يجز العمل بناء على أخبار الآحاد لم يكن في بعثه فائدة، وبالجملة كون النبي - عليه السلام - يعمل في الغزوات والأسفار بناء على أخبار الآحاد كالمعلوم بالضرورة بعد استقراء سيره وأحوال أسفاره.

وبهذا يعرف اندفاع ما يقال عليه: أن بتقدير أن يصح ذلك فإنه من باب أخبار الآحاد، فإثبات حجبيته بناء عليه إثبات للشيء بنفسه.

وثالثها: قوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} الآية.

ووجه الاستدلال بها: أن الله تعالى توعد على كتمان الهدى فيكون كتمان الهدى محرما، فيكون الإظهار واجبا، ولا شك أن ما سمعه الواحد من النبي - عليه السلام - من أحكام الدين من جملة الهدي فيكون إظهاره واجبا، وإنما يكون إظهاره واجبا أن لو وجب علينا قبوله، وإلا لم يكن في إظهاره فائدة؛ فإن وجوده كعدمه حينئذ فلا يجب.

فإن قيل: لعل المراد منه: التواعد للعدد الذين يفيد قولهم القطع، وحينئذ لا يكون في الآية دلالة على المطلوب.

سلمناه لكن المراد منه: ما أنزل من البينات والهدي مما يتلى من كتاب دون ما يوحى إليه من غير المتلو؛ لأنه المتبادر إلى الفهم من قوله: {ما أنزلنا} وحينئذ لا يكون فيه دلالة على المطلوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015