فالجهالة والجهل يستعمل فيما يقابل هذين المعنيين.
فالمعنى من الجهالة هنا: ضد العلم الذي بمعنى الظن، فيكون عبارة عن عدم الظن، فالمعمل بخبر الفاسق عمل بجهالة؛ لأنه ليس فيه علم أي ظن.
أما العلم بخبر الواحد العدل ليس عملا بجهالة؛ ضرورة أنه يفيد الظن فليس فيه جهالة بمعنى عدم الظن.
وثالثها: وهو ما روي في نزول هذه الآية، وهو أن النبي - عليه السلام - بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط مصدقا فرجع إليه، وأخبر أن الذين بعثه إليهم ارتدوا، وأرادوا قتله، فعزم - عليه السلام - على قتالهم وغزوهم فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأخبره أنه ليس بعدل، فلو لم يجز العمل بناء على أخبار الآحاد لما جاز للنبي عليه السلام أن يعزم على قتالهم بناء على خبر.
وما يقال: بأنا لا نسلم أنه - عليه السلام - عزم على قتالهم، فإنه قد روي أنه بعث خالد بن الولي إليهم، وأمره بالتثبت في أمرهم، فانطلق حتى آتاهم ليلا فبعث عيونه، فعادوا إليه وأخبروه بأنهم على الإسلام، وأنهم سمعوا أذانهم فلما أصبحوا أتاهم خالد ورأى منهم ما يعجبه، فرجع إلى النبي - عليه السلام - وأخبره بذلك فليس بقادح.