والوصف اللازم للشيء، إذا كان مستقلا باقتضاء الحكم له لم يجز تعليله بوصف عارض مفارق له شرعا، وعقلا، وعرفا:
أما الأول؛ فلأنه لما لم يثبت القرآن بنقل الآحاد لم يجز تعليل ذلك بكون ناقله فاسقا.
وأما الثاني، فلأنه لو علل به، فإما أن يعلل عين الحاصل باللام أو مثله، والأول تحصيل الحاصل، والثاني جمع بين المثلين.
وأما الثالث؛ فلأنه يقبح أن يقال في العرف: "الميت لا يكتب، لعدم الدواة والقرطاس عنده" لكنه معلل به للآية، فإن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية لا سيما إذا كان مناسبا، ولأنه لو لم يكن علة لعدم القبول بل إنما لم يقبل رواية غير الواحد لكان الحكم الثابت في رواية الفاسق كالحكم في رواية غيره فإن من لا يقبل رواية الواحد الفاسق، ورواية غيره مجزوم بالرد فرواية الفاسق أيضا كذلك. وذلك خلاف صريح قوله تعالى: {فتبينوا} فدل على أنه علة له.
وثانيها: أنا بينا أن مفهوم الشرط والصفة حجة، وذلك يدل على [أن] رواية العدل لا يجب فيها التبيين، ثم عدم التبيين إما أن يكون بالجزم برده أو بقبوله والأول باطل، وإلا لكان خبر العدل أسوأ حالا من خبر الفاسق وهو خلاف الإجماع، وإذا بطل الأول تعين الثاني وهو المطلوب.
واعترض على هذا وعلى أكثر هذا النوع من الاستدلال: بأن دلالته ظنية، والمسألة علمية فلا يجوز الاستدلال عليها بما لا يفيد القطع.
وجوابه: أنه [إن] قيل: المسألة ظنية على ما هو رأي بعض الأصوليين في هذه المسألة وأمثالها فقد سقط هذا السؤال بالكلية.