يقال: إنه يكفي في ذلك التعريف الاستعمال مع القرائن، والتكرر مرة بعد أخرى كما في ابتداء اللغات، وكما في تعريف الأخرس. وهذا الاحتمال على القاضي ألزم من غيره، فإنه عول عليه في جواز كون اللغات اصطلاحية، حيث اختار التوقف، وبه أجاب عن دليل القائلين بالتوقف وأحتج القائلون بالحقيقة الشرعية بوجوه:-
أحدها: وهو وجه العام في جميع الألفاظ التي هي مثل: الصلاة، والصوم، والزكاة، وهو أن هذه الألفاظ مستعملة في الشرع في معان مخصوصة وهي متبادرة إلى الأفهام بخصوصياتها عند إطلاقها، فوجب أن تكون حقائق فيها، لأن التبادر إلى الفهم من غير قرينة دليل الحقيقة، على ما سيأتي، ثم هي ليست فيها حقائق لغوية، وعرفية، وفاقا فهي إذن شرعية.
وجوابه: أنا نقول: بمقتضى هذا الدليل، فإن تلك الألفاظ في تلك المعاني حقائق شرعية عندنا، أيضا لكنها مجازات لغوية، فإن كان هذا مدعاكم فنحن نساعدكم عليه، وإن كان أعم من هذا، وهو إثبات الحقائق الشرعية سواء كانت مجازات لغوية، أو لم تكن فلا نسلم ذلك، وما ذكرتم من الدليل لا يدل عليه، فإن ما ذكرتم من الدليل على أن الألفاظ المذكورة حقائق شرعية في تلك المعاني وهي تصلح أن تكون مجازات فيها، فوجب إثبات هذا النوع من الحقيقة الشرعية، فأما إثبات ما يكون منقولا بالكلية عن اللغة فلا.