وسادسها: أنه لو أفاد العلم، فإما أن يفيد علما ضروريا كما في التواتر وهو باطل بالاتفاق، أو علما نظريا وهو أيضا باطل، إذ لا قاطع يوجبه، أما أولا: فبالأصل.

وأما ثانيا: فلأنا فتشنا وبحثنا ولم نجد في ذلك قاطعا ولا القائلون به؛ إذ لو وجدوه لأظهروه، إذ يمتنع عادة إخفاء الحجة من أحد الخصمين في معرض المناظرة، وما يذكرونه من الأدلة عليه لا يفيد الظن بذلك لما سنجيب عنه فضلا عن أن يفيد العلم، وهذه الطريقة وإن لم تفد العلم بعدم ذلك في نفس الأمر لما عرفت غير مرة لكنها تفيد العلم بعدم العلم بذلك من جهة العادة وهو كاف من أن لا يكون العلم به نظريا، إذ العلم بالشيء إذا كان نظريا وجب حصول العلم بموجبه، وإذا بطل أن يفيد العلم الضروري، أو النظري بطل أن يفيد العلم ضرورة أن العلم لا ينفك عن أحد هذين القسمين.

وسابعها: أنه لو أفاد العلم لوجب تخطئة مخالفة وتفسيقه وتضليله إن كان مما يفسق فيه المخالف ويضلل ولو بالاجتهاد كما في أصول الدين، وكما في من خالف النص المقطوع به في الفروع بالاجتهاد، ولما حسن اختلاف العلماء في أن كل مجتهد مصيب أم لا في الحكم الشرعي الذي ورد فيه خير الواحد ولا قاطع فيه، ولجاز معارضة الخبر المتواتر به لكن اللوازم باطلة بالإجماع فالملازم مثله.

واحتجوا بوجوه:

أحدها: أن النصوص نحو قوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم} ونحو قوله تعالى: {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} ونحو قوله تعالى: {إن الظن لا يغني من الحق شيئا} يدل على أن اتباع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015