الظن والقول بما لا يعلم منهي عنه، ثم أنتم ساعدتمونا، والأدلة أيضا على أنه يجب إتباع خبر الواحد في أحكام الشرع، فلو لم يكن خبرا لواحد مفيدا للعلم لما جاز اتباعه فضلا عن أن يجب ذلك.
وجوابه من وجهين:
أحدهما: أنه إن عنى بوجوب / (74/أ) إتباع خبر الواحد أنه يجب التصديق والقطع بصدق مدلوله فهو باطل، فأنا لا نقول به ولا الأدلة تدل عليه وإن عنى به أنه يجب العمل بمقتضاه فهذا مسلم لكن ما يدل عليه ليس بظني حتى يكون ذلك اتباعا للظن، بل هو قاطع عندنا فلا يكون اتباعه اتباعا للظن.
وثانيهما: أن المراد مما ذكرتم من النصوص المنع من إتباع الظن فيما سبيله العلم لا غير نحو أصول الدين، وهذا وإن أوجب تخصيصا للعام، أو تقييدا للمطلق وهو خلاف الظاهر لكنه يجب المصير إليه جمعا بين الأدلة.
وثانيها: ما روي عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يستحلف الرواة سوى أبي بكر - رضي الله عنه -، وإنما لم يحلفه؛ لأن قوله كان يفيد العلم وبهذا يتمسك من فرق بين خبر وخبر.
وجوابه: منعه بل إنما لم يحلفه؛ لأن ظنه بصدقه أكد من ظنه بصدق غيره ولا يلزم من تقوية أصل الظن تقوية الظن المؤكد.
وثالثها: أنه لو لم يفد العلم لما أبيح قتل من أقر بالقتل، أو الزنا بعد الإحصان على نفسه، ولا بشهادة الإثنين بذلك، لاحتمال أن يكون كاذبا في إقراره، وأنهما كذبا في شهادتهما ولما وجبت الحدود [بأخبار الاحاد؛ لأن هذه الأمور يحتاط فيها، ونفيها متأيد بالبراءة الأصلية].