التقدير اتفاق العلماء هو الحجة لكن حجيته تتوقف على موافقة العوام لهم، وأما دلالة لفظ المؤمنين والأمة عليهم فإنما هي على وجه الجزئية كما تقدم، كان اعتبار موافقتهم على وجه الشرطية مجرد احتمال من غير دليل فيكون منفيًا لما تقدم من الوجهين.
واحتجوا: بأن الأدلة التي تدل على أن الإجماع حجة متناولة للعوام حسب تناولها للمجتهد فوجب أن تكون مرادة، إذ الأصل في المتناول أن يكون مرادًا، وإذا كان العوام مرادًا منها وجب أن لا ينعقد إجماع بدون موافقتهم للعلماء، لأن ما يدل على ثبوت الحكم في الكل لا يدل على ثبوته في البعض بدونه، والأصل عدم دليل آخر.
وجوابه: أن الأصل في المتناول وإن كان هو الإرادة، لكن قد يترك الأصل، لقيام الدلالة على عدم إرادته، وما ذكرنا من الأدلة دالة على أنهم غير مرادين من لفظ المؤمنين والأمة فوجب تخصيصهما بالمجتهدين.
ثم اعلم أن المجتهد الذي اعتبرنا قوله ليس هو المجتهد كيف كان حتى لو كان مجتهدًا في فن يعتبر قوله في فن آخر أو في جميع الفنون، بل هو المجتهد مطلقًا، أو المجتهد في ذلك الفن الذي يحصل الإجماع على مسألة من مسائله.
فأما لو كان مجتهدًا في فن فإنه لا يعتبر قوله في فن آخر؛ لأنه عامي بالنسبة إليه فعلى هذا المعتبر في مسائل الكلام إنما هو قول المتكلمين لا غير، وفي مسائل الفقه قول المتمكنين من الاجتهاد في مسائل الفقه لا قول المتكلمين، ومن يجري مجراهم.
واختلفوا في الأصولي الذي ليس بفقيه، والفقيه الذي ليس بأصولي على أربعة أقوال: