وخامسها: لو اعتبر اتفاق العوام لم يتصور العلم بحصول الإجماع [حتى] في زمان الصحابة أيضًا؛ لأنهم متفرقون في الأقطار والنواحي بحيث يتعذر العلم باتفاقهم، لكثرتهم وعدم العلم بأعيانهم، بخلاف العلماء لا سيما في زمن الصحابة فإنهم كانوا منحصرين معلومين فيه.
وسادسها: أن عوام الصحابة وخواصهم أجمعوا: على أنه لا عبرة بقول العوام في هذا الباب لا بالنسبة إلى الموافقة، ولا بالنسبة إلى المخالفة، واعتبار قولهم خلاف لإجماعهم فيكون باطلاً.
وفي هذا الوجه أيضًا نظر؛ وهذا لأن المؤمنين من أهل البادية قد لا يعرفون أن الإجماع حجة، فضلاً من أنه لا يعتبر فيه قول العوام أو يعتبر، فكيف يمكن ادعاء إجماعهم على أنه لا يعتبر قول العوام؟
وسابعها: أن قول المجتهد بالنسبة إلى العوام كالنص بالنسبة إلى المجتهدين [فكما أن حجية النص مطلقًا لا يتوقف على رضا المجتهدين] فكذا حجية قولهم مطلقًا لا يتوقف على رضا العوام به.
وما يقال على أكثر هذه الحجج المتقدمة: بأن قول العوام وإن كان باطلاً إذا لم يكن على/ (44/ أ) موافقة العلماء [إذ] هو غير مستند إلى دليل فيكون قولاً في الدين بالتشهي وهو باطل، لكن لم لا يجوز أن تكون موافقتهم للعلماء شرطًا في حجية قولهم على من يحدث بعدهم من العلماء فإن ما تقدم من الدلالة لا ينفي هذا الاحتمال؟
فهو ضعيف، أما أولاً: فلأنه مجرد احتمال دل الأصل على عدمه.
وأما ثانيًا: فلأن الأصل عدم توقيف المقتضى على شيء، لأن على هذا