الآخرة لقال "سيجعلكم" ولأن الأمم كلها عدول في الدار الآخرة، إما لعدم صدور المعاصي منهم فيها، أو وإن صدر من بعضهم الكذب كإنكار المعاصي كما حكى الله تعالى عنهم في الكتاب العزيز في مواضع، لكنهم غير مؤاخذين به لارتفاع التكاليف، وحينئذ لم يكن في تخصيص أمة محمد صلى الله عليه وسلم بذلك مزيد فائدة.
وكونه جعلهم وسطًا ليكونوا شهداء على الناس في الدار الآخرة على تقدير تسليمه لا يقتضي أن يكونوا عدولاً في غيرها، لجواز أن تعدل في وقت وتتراخى الشهادة عنه.
قوله: "دلالة الآية على تحقيق العدالة ظنية، وكذلك دلالة العدالة على عدم الخطأ ظنية، فلا يجوز التمسك بها.
قلنا: قد مر الجواب عنه في المسلك الأول.
وثالثها: قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}.
ووجه الاستدلال به: أنه تعالى أخبر عنهم أنهم خير أمة، لأمرهم بالمعروف