ونهيهم عن المنكر، والمراد من المعروف والمنكر: كل المعروف وكل المنكر، أما إن قيل: بأن المفرد المحلى بالألف واللام للعموم فظاهر، إذ هو حقيقة في الاستغراق حينئذ والأصل عدم الصارف عنه.
وأما إن لم نقل بذلك فيجب حمله على العموم هنا أيضًا، لأنه لو لم يحمل عليه، فإما أن يحمل على المعهود وهو إما ما يصح به الدين، أو غيره.
والأول باطل، لأنه ليس في تخصيص هذه الأمة بذلك زيادة منقبة ومدح، إذ الأمم كلها تأمر بأصول ما يصح به دينها وتدعو إليه، مع أنه الآية ما سيقت إلا لبيان المدح والثناء عليهم.
والثاني أيضًا باطل، إذ لا عهد بالنسبة إلى كله، ولا بالنسبة إلى البعض [لا بحسب الدليل العقلي، ولا بحسب الدليل النقلي فليس كله أولى من غيره وليس] البعض منه [أولى من/ (13/ أ) البعض الآخر فيتحقق الإجمال وهو خلاف الأصل]، والاكتفاء بالبعض منه أي بعض كان يوجب إلغاء فائدة التخصيص، إذ الأمم تشارك هذه الأمة في الأمر بمعروف ما والنهي عن منكر ما.
وبهذا يعرف أيضًا [أنه لا يجوز حمله على الماهية أيضًا]، لأنه يكفي في تحقق مدلول النص على هذا التقدير الأمر بمعروف ما والنهي عن منكر ما، وإذا بطل أن يحمل على الماهية وعلى المعهود وعلى البعض معينًا، أو غير معين وجب حمله على الكل حذارًا من التعطيل، وإذا حمل على الكل من المعروف والمنكر لزم أن يكون الإجماع حجة، إذ لو جاز أن يجمعوا على ما ليس بحق