وثانيهما: أن هذه الآية خرجت مخرج التعظيم والمدح للمؤمنين، وتمييزهم عن غيرهم، فلو شرط في وجوب اتباعهم تبين دليل ما يتبعون فيه لم تكن الآية مدحًا لهم لأنه لا منقبة للنصارى واليهود في أن يقول المسلمون بقول من أقوالهم عند معرفة دليله.
سلمنا سلامته عن المعارض، لكن لا نسلم أنه لم يبق إذ ذاك في التمسك بالإجماع فائدة؛ وهذا لأنه حجة قطعية غير قابل للنسخ والتخصيص بخلاف غيره من الأدلة.
قوله: "لفظ السبيل غير مستعمل في حقيقته".
قلنا: لا نسلم بل هو عندنا حقيقة في الطرائق والأقوال والأفعال التي يختارها الإنسان لنفسه بحسب قدر مشترك؛ وهذا لأنه مستعمل في الكل كثيرًا قال الله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك}، {قل هذه سبيلي}، و {من أهدى سبيلاً}، و {من أضل سبيلاً}، والأصل في الاستعمال الحقيقة الواحدة.
سلمنا أنه مجاز لكن لا نسلم أن الحمل على دليل الحكم أو الاستدلال عليه أولى من الحمل على نفس الحكم، وما ذكروه من الدلالة وإن دل عليه لكن لفظ الاتباع يمنع من حمله عليه إذ المتمسك بالدليل لا يكون متبعًا/ (10/ أ).