سلمنا ذلك لكنه لا يخل بمقصودنا وذلك، لأنه تعالى لما أمرنا بمتابعة دليلهم أو استدلالهم: دل ذلك على أنه حق وصواب مطلقًا، وإلا لما أمرنا باتباعه مطلقًا، وذلك يستدعي حقيقة ما أجمعوا عليه مطلقًا فيجب اتباعه.
واحترزنا بقولنا: "مطلقًا" مما أدى إليه اجتهاد المجتهد على قولنا: إن كل مجتهد مصيب، فإنه وإن كان حقًا لكنه ليس مطلقًا لكن بالنسبة إليه أو بالنسبة إلى من يقلده.
قوله: "وجوب الاتباع أعم من وجوب الاتباع في كل الأمور، أو في بعضها والدال على العام لا يدل على الخاص".
قلنا: الآية دالة على وجوب اتباع سبيلهم في كل الأمور، بدليل صحة الاستثناء، وبدليل الإيماء فإن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية فيشعر أنه إنما وجب اتباع سبيل المؤمنين [لكونه سبيل المؤمنين] فيعم الحكم لعموم علته، وأيضًا لما حرم اتباع كل ما هو غير سبيل المؤمنين وجب اتباع كل ما هو سبيلهم؛ ضرورة أنه لا واسطة بينهما، وهذا إنما يتم إن لو لم يجعل عدم الاتباع واسطة.
قوله: "لا يجب اتباعهم في بعض الأمور قطعًا".
قلنا: ندعي وجوب اتباعهم [في كل الأمور إلا ما خصه الدليل وما ذكرتم من الأمور خصه الدليل] فيبقى فيما عداه باق على دلالته.
قوله: "الحمل على ما صاروا به مؤمنين أولى".