كذلك، وجعل غير بمعنى إلا وإن استلزم التجوز لكنه خير من الإضمار، وحينئذ يصير المعنى: ومن يشاقق الرسول ويتبع إلا سبيل المؤمنين، ومعلوم أنه لو قال هذا لأفاد إيجاب اتباع سبيلهم فكذا هذا.

قوله: "إنما يجب اتباع سبيلهم بشرط تبين الهدى".

قلنا: لا نسلم؛ وهذا لأن قوله: "ويتبع غير سبيل المؤمنين" مطلق فتقييده بتبين الهدى خلاف الأصل، وكونه معطوفًا على المشاقة المشروطة بتبين الهدى لا يقتضي أن يكون أيضًا مشروطًا بتبين الهدى؛ إذ العطف لا يقتضي اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في جميع الأمور ولو سلم ذلك، لكنه يقتضي تبين دليل التوحيد والنبوة فقط؛ لأنه هو الهدى الذي شرط تبينه في المشاقة لا أدلة الفروع، وحينئذ لو شرط تبين أدلة الفروع في وجوب اتباع غير سبيل المؤمنين فإما أن يكون ذلك لأن العطف يقتضي الاشتراك بينهما في جميع الأمور وهو باطل؛ لأنه غير مشروط في المعطوف عليه، أو لغيره والأصل عدمه.

ولو سلم وجود ما يقتضيه لكنه معارض بوجهين:

أحدهما: أنه لو شرط في وجوب اتباع غير سبيل المؤمنين تبين دليله لخرج ذلك عن أن يكون اتباعًا لسبيلهم؛ لأن من يقول قولاً بناء على دليل لا يعد متبعًا لأحد وإن وافقه في ذلك، ولذلك لا يعد المسلمون متبعين لليهود والنصارى في القول بنبوة موسى وعيسى - عليهما السلام - وهو خلاف مدلول الآية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015