سلمناه، لكن من أين نعلم أن ما أفتاه، أو أخبره من اعتقاده من أنه يعتقد ذلك الحكم أفتاه من صميم قلبه، أو كان صادقًا فيما أخبره؟
فلعله أفتاه بذلك خوفًا وتقية، أو لأسباب أخر وهو لا يعتقد ذلك. وكذا الكلام فيما إذا أخبره عن اعتقاده.
سلمناه لكن لا يمكن ذلك في زمان واحد ضرورة تفرقهم في شرق البلاد وغربها، بل في مدة متطاولة وحينئذ لم يمكن القطع بحصوله؛ لاحتمال أن يكون الذي أفتاه أولاً. فقد رجح عنه بعد ارتحال المستفتى عنه قبل إفتاء الآخرين، وحينئذ لا يحصل الإجماع، لعدم حصول الاتفاق في زمان ما.
وأما الثاني فهو باطل أيضًا بأكثر ما سبق، ولا ينقض ذلك لما أنا نعلم من اتفاق المسلمين على نبوة محمد - عليه السلام - مع تفرقهم في شرق البلاد وغربها.
وكذلك نعلم اتفاق اليهود والنصارى على إنكار نبوته - عليه السلام - مع تفرقهم في الآفاق.
وكذلك نعلم اتفاق الشافعية على فساد النكاح بلا ولي، واتفاق الحنفية على صحته، وإن لم نعرفهم بأعيانهم.
ولا ينقض أيضًا: بما أن نعلم باستيلاء بعض المذاهب والملل على بعض النواحي كما نعلم باستيلاء الإسلام في بلاد الحجاز واليمن، واستيلاء الملة النصرانية في جزائر الإفرنج وإن كنا لا نعرفهم بأعيانهم لأنا نقول:
أما الجواب عن الأول فقد سبق.
وأما عن النقضين الباقيين فعلى نحوه بأن يقال: إن أريد باليهودي المعترف