المروي بالآحاد، أو القياس.
وأما الآخرون الذين قالوا: بإمكان وقوعه لكن زعموا أنه لا طريق لنا إلى معرفته.
فقد احتجوا عليه بأن قالوا: إن من الظاهر أنه لو أمكن أن يحصل العلم به فإنما يحصل من جهة السمع لا غير، بأن يسمع من/ (3/ أ) أهل الاتفاق أنهم اتفقوا عليه، أو يسمع منهم ما يجري [مجراه] فإن ما عداه من الطرائق نحو الوجدان والإحساس [بغير حس السمع، وحكم العقل إما بالبداهة، أو بالنظر فيما لا يمكن اكتسابه به] لكن ذلك متعذر، لأن سماع كلام الغير مع العلم بكونه كلامه يتوقف على معرفته بعينه، وذلك معلوم بالضرورة، فأذن العلم باتفاق المجتهدين على حكم يتوقف على معرفة أعيانهم، لكنه متعذر لتفرقهم شرقًا وغربًا.
لا يقال: يمكن ذلك بطريقين:
أحدهما: أن يطوف عليهم شرقًا وغربًا ويسمع منهم ذلك.
وثانيهما: أن يجمعهم سلطان قاهر فحينئذ يمكن الاطلاع عليه، لأنا نقول: أما الأول، فباطل، لأنه لم يوجد إلى الآن من طاف المشرق والمغرب وعرف المجتهدين بأعيانهم، وأخبر عنهم اتفاقهم على حكم ما.
سلمنا ذلك، لكن من أين نعلم أنه لم يغادر أحدًا منهم لم يجتمع به، وكيف الخلاص من وجود خامل منهم لا يعرف؟