سلمنا: ذلك لكن المراد منه ما كان من الأفعال الواجبة لما سبق، وحينئذ يلزم الدور المذكور.

وخامسها: قوله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} وهذا جاري مجرى التهديد على ترك التأسي به، لأن معنى الآية أن من يرجو الله واليوم الآخر فله فيه الأسوة الحسنة، ومن لم يرجو الله واليوم الآخر فليس له فيه الأسوة الحسنة، فيكون وعيدًا على ترك التأسي به، أو نقول: بعبارة أخرى إنه جعل التأسي به لازمًا لرجاء الله واليوم الآخر، فيلزم من عدم التأسي به عدم رجاء الله واليوم الآخر، وهو محرم فما يستلزمه يكون أيضًا كذلك، والتأسي به في الفعل إنما هو بإتيان مثل فعله، فيكون الإتيان بمثل فعله واجبًا.

وجوابه: أنا لا نسلم أن التأسي به في الفعل إنما يكون بإتيان فعله ولم لا يجوز أن يقال: إنه يكفي فيه أن نستخيره لأنفسنا ونعتقد أن لنا في فعله الخيرة لو فعلناه وإنما فعله حق من غير أن يعترض عليه، ومعلوم أن هذا لا يستدعي حصول الفعل منا، فضلًا عن أن يكون حصوله على سبيل الوجوب.

سلمنا: أنه لابد من الفعل، لكن المعتبر في التأسي به فيه أمران:

أحدهما: إتيان مثل فعله.

وثانيهما: إتيانه على وجه فعله الرسول على ذلك الوجه، وحينئذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015