فإن قلت: دلالة الالتزام تابعة لدلالة المطابقة، فإذا انتفى المتبوع انتفى التابع.
قلت: لا نسلم انتفاء المتبوع فيما نحن فيه، فإن دلالة اللفظ بالمطابقة على نفي الذات متحققة فيما نحن فيه وإنما المدلول المطابقي غير متحقق، ولا يلزم من انتقاء المدلول انتفاء الدلالة، وليس المعنى من كون دلالة الالتزام والتضمن تابعة لدلالة المطابقة، هو أنه حيث لم يتحقق المدلول المطابقي لم يتحقق المدلول الالتزامي والتضمني، لأن ذلك يقتضي عدم جواز الحمل على المجاز عند تعذر الحمل على الحقيقة، وهو شرط له.
وثانيها: أنا بينا في اللغات أن اللفظ إذا تعذر حمله على حقيقته، يجب حمله على المجاز الذي هو أكثر مشابهة للحقيقة، ولا شك أن المشابهة بين المنفى، وبين ما لا يصح، ولا يفضل أكثر وأتم من المشابهة بين المنفي وبين ما لا يفصل، ولكنه يصح، وإذا كان كذلك كان الحمل عليه واجبا عند تعذر حمله على نفي الذات.
وثالثها: أن القول بالحمل على نفي الصحة يقتضي رفع الإجمال، والقول بترديد اللفظ بينه وبين نفي الفضيلة يقتضي إثباته، ولا شك أن الإجمال خلاف الأصل فما يقتضيه أيضا خلاف الأصل، وأما أنه يحمل على نفي الفضيلة فقط فقول لم يقل به أحد، وعند هذا يجب حمله على رفع الجواز.