وثانيهما: أن المتبادر إلى الفهم عند السماع من استعمال النفي فيما هو غير منفي حقيقته إنما هو نفي فائدته وجدواه كقولهم: لا بلد إلا بسلطان، ولا سلطان إلا بعدل، ولا علم إلا ما نفع، ولا كلام إلا ما أفاد، ولا حكم إلا لله ولرسوله، ولا طاعة إلا لله ولرسوله، والتبادر دليل الحقيقة، فيكون حقيقة فيه سواء كان بحسب اللغة، أو بحسب العرف الطارئ، وعلى كل تقدير يلزم أن لا يكون اللفظ مجملا، ومتوقفا فيه في الحمل بين نفي الكمال، وبين نفي الجواز، بل هو محمول على حقيقته، وهو نفي الفائدة والجدوى، ولا شك أن ذلك يقتضي نفي الجواز، لأن كل ما كان جائزًا كان مفيدا لآثاره، فهو إذًا دال على نفي الجواز.
احتج الخصم بوجوه:
أحدها: أن حرف النفي إذا دخل على غير ما هو غير منفي بحسب الصورة فتارة يفيد نفي صحته، نحو قوله عليه السلام: "لا صلاة إلا بطهور"، و"قوله": "لا نكاح إلا بشهود".
وتارة يفيد نفي الفضيلة أو الكمال فقط نحو قوله عليه السلام: "لا صلاة للعبد الآبق حتى يعود إلى "أهله""، و"لا صلاة لجار المسجد إلا في